بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 1 يونيو 2016

الفلوجة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومَنْ صَحِبَهُ ووالاه.
سُئِلَ الإمام أبا بكر بن عيَّاش رحمه الله: مَنْ السُّنِّيُّ ؟ فقال :(الذي إذا ذ ُكِرَتْ الأهواء لم يتعصَّب لشيءٍ منها).
وبعد....
فإن )الجهل الشرعي المركب - الأُميّة السياسية – الحول السياسي – قصر النظر الإستقرائي-الإندفاع العاطفي) وغيرها من المصطلحات المتداولة، يمكن التعامل بها لتوضيح (كيف يقع الناس اليوم فى سوء تقدير) حقيقة ماهية:
-       توجهات الجماعات و الحركات التي تدعي الإسلام فى الظاهر وهي تضرب أُصوله فى الباطن (عمداً من بعض قادتها، جهلاً من الأتباع).
-       توجهات الحكومات([1]) التي تدعي الشرعية اليوم.
ولنضرب بواقع الفلوجة-مدينة المساجد العتيقة "مساجد أهل السُّنَّة"- اليوم مثلا، وذلك بطرح بعض الأسئلة وعلى القارئ تكليف نفسه-إن شاء-ببحث الإجابات:
الفلوجة([2]) :
1- كيف هرب قادة تنظيم داعش من سجن أبو غريب شديد الحراسة.
2- كيف استطاع تنظيم داعش -الغير نظامي- السيطرة على كل تلك المساحات العراقية الشاسعة فى وقت قصير بأقل الخسائر([3]).
3- لماذا قامت قوات ميليشيات المالكي الطائفية بمعارك فى الفلوجة "حفظ الله أهلها"، لا قيمة ولا هدف من وراءها، ولماذا خرجت منها وما الغرض من وراء الإنسحاب.
ولماذا تَعُود اليوم مجدداً لأعادة تحريرها.
4- كيف دخلت قوات داعش الفلوجة وكيف تمكنت من السيطرة عليها.
5- من هم الروافض الذين إدعت داعش –كذباً وزوراً- أنها أخرجتهم من الفلوجة وحررتها منهم ، وهل كان فى أهل الفلوجة روافض ، أم أن جميع أهلها من أهل السُّنَّة ؟.
6- أهل السُّنَّة فى الفلوجة أسعد حالا الأن أمْ قبل دخول الدواعش إليها([4]).
7- أهل السُّنَّة فى الفلوجة الأن ، هل يتم إعدادهم لحرب الروافض فى إيران أو النُّصيريين الخونة في سوريا وحزب الله فى لبنان، أم لحرب إخوانهم من أهل السُّنَّة فى الدول الإسلامية المجاورة.
8- كيف سيطروا على الرمادي وكيف بهم ينسحبون منها بنفس البساطة (قيل أنه حين سقطت الرمادي فى يد القوات العراقية النظامية ، كان عدد مقاتلي داعش فيها لا يتجاوز 350 مقاتل).
9- بعد سقوط الفلوجة فى يد داعش ، سقطت الموصل وبعدها أُعلنت الخلافة –هكذا- ثم سقطت تكريت ثم ما لبثت أن سقطت الرمادي في أيديهم، وكأننا نري فيلما سينمائياً خيالياً.
( لا أدري أنا على سبيل اليقين من وراء تمويل أبطاله وإن كانت نفسي تملأها الأسى من صعوبة أدوار الكومبارس داخل ذلك الفيلم السخيف، قتلٌ للأبرياء وتهجيرٌ للناس والكثير من الجرائم التي يُعاقب عليها فى أحكامنا الشرعية الراسخة، كل ذلك باسم الدين و باسم الجهاد).
10-                    موقف داعش من النصرة([5]) ، والعكس، وحجم الصراع الدائر بينهما.
بدأت الأمور تظهر بوضوح لكل عاقل بعد إعلان الخلافة من قبل أبو بكر البغدادي قائد تنظيم القاعدة في العراق سابقاً، حيث قام بضم فرقتي دولة العراق الإسلامية وجبهة نصرة أهل الشام في سوريا تحت إمرته، وسماهم بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف اليوم إختصاراً بـــ ( داعش ) ومن المعلوم أنه كانت لأبو بكر هذا بيعة لأيمن الظواهري([6]) زعيم القاعدة اليوم والذي لم يرضى بإعلان الخلافة هذا ، بل واعتبر أن إعلان الخلافة هذا إنشقاق من ابو بكر البغدادي عن القاعدة، وأعلن الظواهري أبا محمد الجولاني أميرا على جبهة النصرة بالشام([7]).
وبدأت تطفوا على الساحة رائحة الخلافات بين أهل الغُلُوا فيما بينهم حتي وصل الأمر إلى الإقتتال الذي وقع في محافظة دير الزور شرق سوريا بين داعش وتنظيم جبهة النصرة التابع لتنظيم القاعدة وتنتمي اليه بعض الفصائل السورية.
ودام حال الإقتتال هكذا فترة من الزمن ولا يُعلم من المنتفع من وراء هذا ، حتى وصل اليوم شمال لبنان فى بلدتي عرسال ورأس بعلبك ، ومن المعلوم أن تلك المناطق تسكنها أغلبية سُّنِّيَةٍ من أهل الشام.
والذي يقع الأن من قتال بين تلك الجماعات يفتح باباً واسعاً لدخول وسيطرة حزب الله([8]) الشيعي الرافضي على تلك المنطقة، خاصة مع ضعف الجيش النظامي اللبناني والتفوق العسكري لحزب الله المدعوم عسكرياً من الجانب الإيراني الروسي.
يمكن الإكتفاء بما سبق إختصاراً حول أعاجيب أخبار تلك الجماعات والحكومات، ولو ذهب طلبة العلم لتتبعها لرأى عجب العجاب ، ولرأى بعينيه أن شأن هؤلاء أسوء من شأن الخوارج.
ولرأى مهازل مبكية من تعاون أهل الأسلام مع أعداء الأسلام، بَدَءَ فى عصرنا هذا بإسقاط الخلافة وتمكين اليهود من فلسطين وإسقاط الملكية فى مصر مروراً بإندلاع ثورة الخميني، وحماس الجهلاء بها ، ثم تلاعب أمريكا وفرنسا وجرهما لصدام حسين لحرب إيران ، ثم وقوع الحرب الأهلية فى أفغانستان بعد خروج الروس منها و التنازع الداخلي على السلطة و الدنيا ، و الإطاحة بكل طموح الأمة الإسلامية فى إقامة الدولة الأفغانية ، المهزلة التي لم يَفُزْ فيها أحد فأين أحمد شاه مسعود([9]) ، وأين الملا عمر([10]) ، و أين برهان الدين رباني([11]) ، وأين قلب الدين حكمتيار([12]) و عبد رب الرسول سياف ، وأما عبد الرشيد دوستم([13])فهو الفائز الوحيد بالغنيمة.
والثمرة من تلك الشجرة الغير طيبة أن كابول اليوم أقرب للشيعة منها إلى أهل السنة.
فيا مُقلِّبَ القلوبِ ثبت قلوبنا على دينكَ وطاعتكَ.
أردت بما سبق إيضاح أنه ليس على الساحة اليوم من تلك الجماعات من يعمل بإخلاص إبتغاء وجه الله وحده سبحانه، والخوف عليهم عظيم (يَوْمَ  تُبْلَى السَّرَائِرُ) فَيُفْضَحُوُنَ أَمام الله ثم أنفسهم ثم الناس ولن تنفعهم أجهزة المخابرات ولا الحكومات ولا الأموال، ولن يروا إلاَّ ما قدموا، ويومها سيعلمون أنهم قد خسروا الدارين معاً.
ولإخواني أقول، إن المتتبع لحال العلماء الأتقياء قديماً منذ أواخر القرن الثاني بالتقريب، و الى يومنا هذا ، يرى الفرق الكبير بين واقع تعاملهم مع الحكام الذين وقع منهم بعض أعمال الكفر أو الفسق وبين الجماعات اليوم.
قديماً كانوا يخروجون عنهم أو منهم، والفرق بين اللفظين " الخروج على الحكام"و"الخروج عنهم" كبير.
تعلمنا ذلك وغيره من العلماء المعاصرين أمثال الشيخ الألباني رحمة الله عليه وعلى جميع مشايخنا الأجلاء الكرام.
اللَّهُمَّ أَبرمْ لهذه الأُمة أمراً راشداً تُعِزُّ فيه وَليَّكَ ، وتُّذِلُّ فيه عدوَّك ، ويُعمل فيه بطاعتك
وصلِّ اللَّهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم




[1]  بعد الإنتهاء من قراءة المقال ارجوا الرجوع الى (هنا) ثانية لتعلم أني لا أتهم الجماعات الحركية فقط، بل يدخل معهم أجهزة مخابرات وحكومات، معظمها اليوم من أكثر الدول تضررا مما أنشأت أيديهم بالأمس.
[2]  منذ القدم وهي حَجَرٌ يقف فى بُلْعُوم المعتدين، الشيعة يبغضونها لأنها سُّنِّيَّة، والأمريكان لا ينسون الثأر.
[3]  نعم قد يقال أن لضعف الجيوش النظامية العربية اليوم تقع بعض تلك المهازل ، ولكن بالمنطق والعرف لا يمكن قبول مهزلة بتلك الحجم ، إلاَّ بتسليم من السلطات له أغراض طائفية أو مكاسب بعيدة الأجل، وقد تكررت تلك المهزلة في العصر الحديث أكثر من مرة آخرها ما وقع في اليمن ويدفع الناس ثمنه الى الآن.
[4]  السؤال غير موجه فقط إلى (حاكم مُسْتَبدٌ أم جهادي متطرف؟)، بل هو أشمل من ذلك.
[5] من المعلوم عند كل مسلم منصف ، أن أهل الغلو يكفرون كل مخالف لهم وقد رأيت بعيني ذلك من كثير منهم ، تجد أحدهم مع ضعفه العلمي وبِضَاعَتِهِ الـمُزْجاة يُفَسِّقُ ويُبَدِّعُ كبار العلماء ويدعي زوراً أن عنده القدرة على التفريق بين صحيح علمهم وضعيفه وأنه لا يقلد أحداً منهم تمسكاً منه بالسُّنَّة الخالصة-هكذا يزعم- ، والحق أن هؤلاء المساكين قد تسلل إليهم مرض إتِّباع ضُلاَّلهِم وأُمراءِهم وأئمتهم حتى عَمِيَتْ قلوبهم عن قبول الحق من علماء المسلمين ورموهم بما هم أحق أن يرموا به.
فتجدهم يغمزون فى ابن باز و الألباني ومقبل و الفوزان وغيرهم من العلماء، ويتهمونهم بالعمالة لولاة الأمور لأنهم لا يُقرون بالخروج عليهم ، وتارة يرمونهم صراحة بالجهل او البدعة وتارة بعدم فقه الواقع ، وكل من تكلم فى بدعتهم لم يسلم من شر لسانهم.
[6]  طبيب عيون مصري كان يَتْبَعُ تنظيم الجهاد في مصر، و لم يكن موجوداً فى افغانستان وقت الجهاد ضد الروس، تعرفه على الشيخ أُسامة بن لادن رحمه الله-دعاء له بالرحمة حياً كان أو ميتاً، "في صحة مقتله عندي نظر"- وتقربه منه فى فترة قصيرة حوله كثير من علامات الإستفهام، فقد كان له قدر كبير في توجيه فكر ابن لادن حتي وقعت أحداث تفجير برجي التجارة العالميين (11 أيلول-سبتمبر) الذي شاركت القاعدة فيه كلاً من الموساد والإستخبارات الأمريكية ، مما كان له كبير الأثر كتبرير أمريكي و دولي عالمي لإحتلال أفغانستان وكسر شوكة دولة طالبان.
والذي أراه مثيراً للشفقة عدم رؤية كثير من الناس ذلك الحدث بشكل منطقي، وبخاصة كذبة ضرب البنتاجون بطائرة بوينغ 757 الذي تم من خلال مخرجين فشلة من هوليود.
[7] حاول الفريقين الوصول الى حل وتسوية لما وقع من خلاف بينهما (فى رأيي أن الخلاف كان على الزعامة و القيادة بتوجيه من جهات خارجية "إختلاف فى  المصالح بين أجهزة مخابرات") فقيل أن أيمن الظواهري إنتدب عنه أبو خالد السوري والذي رأى بدوره بقاء جبهة النصرة فى الشام بسوريا و بقاء داعش فى العراق بأميرها البغدادي مع ترك موضوع الخلافة ، وقد رفض البغدادي ذلك الأمر و أصر على رأيه.
[8] الذي يتحرك في لبنان كيف يشاء ، بجميع أسلحته النوعية ولا يجرؤ أحد من الساسة أو الجيش اللبناني على إعتراض قواته.

[9] قُتل قبل أحداث (11 أيلول-سبتمبر) بيومين ولا يُعرف قاتله على الحقيقة الى اليوم، فهل تاريخ قتله لا يُثير التساؤل.
[10] هذا الرجل يصعب الحكم فى أمره ، ووالله لا أعرف هل هو حقيقي أم من وحي خيال الناس ، فالذي أدونه له عندي يؤكد انه لم يكن موجودا في الحقيقة يوم سيطرة قوات طالبان على كابول ، ولم يتم تداول إختفاءه العجيب إلاَّ بعد إنسحاب طالبان من كابول، بعدها انتشرت تلك الشائعات الكثيرة عن مكان إختفاءه، و العجيب أن وسائل الإعلام الغربية المواليه لأجهزة المخابرات لم تهتم بأخباره إهتمامها بأخبار أسامة بن لادن، وإن كانت تلك الشخصية حقيقية فلا يُعلم على وجه اليقين هل هو حيُّ يرزق أم توفاه الله عزَّ وجلَّ.
[11] لا يُعرف تحديدا على وجه اليقين مكانه اليوم ، وإنما هي مجرد تخمينات ومكانه معروف فقط لأجهزة المخابرات صاحبة إدارة تلك اللعبة.
[12]قتل في تفجير إنتحاري في منزله ، وبعيدا عن إدعاء الحكومة لا يُعلم القاتل على وجه الدقة والحقيقة.
[13] متحالف مع تركيا و الغرب والى الان يقوم بأدوار رئيسية داخل أفغانستان لمصلحة تركيا و الغرب، تقريبا له سلطات مساوية أو تزيد عن سلطات رئيس البلاد، أعتقد أن دوره بدأ يوم إمتناعه عن نصرة محمد نجيب الله رئيس دولة أفغانستان في التسعينيات في الفترة من 1987 حتي 1992 ، وهذا الرجل –محمد نجيب- أيضا يجب دراسة كيفية وفاته التي ارتبطت بجميع الرجال المذكورين هنا تقريبا.

المتابعون