بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 18 أكتوبر 2014

ذَيَلٌ على فَتْوَى الطَّلَاقَ الصُّوُرِيُّ

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد......
فأحب أن أُنوه إلى أن موضوع فتواي السابقة كانت بخصوص الطلاق و ليست النكاح، والفرق بينهما كبير وشاسع، حيث أنى لم أتطرق الى وجوب أو عدم وجوب تسجيل عقد النكاح رسمياً ابْتِداءً  ، أو هل هذا التسجيل، سواءً قلنا بوجوبه أو بعدم وجوبه، شرط فى صحة عقد النكاح من عدمه ، فكل هذا خارج تماماً عن موضوع فتواي.
ذلك لأن الناظر الى الشريعة يعلم أن من شروط وأركان الزواج خمساً هى من غير تفصيل كالآتي:
1.  وجود الولي.
2.  خلو الزوجين من موانع النكاح.
3.  تعيين الزوجين.
4.  رضا الزوجين.
5.  الشهادة عليه.
ويتأكّد ذلك كله بإعلان النّكاح لقوله صلى الله عليه وسلم : " أَعْلِنُوا النِّكَاحَ " رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني رحمهما الله في صحيح الجامع 1072.
ليس فيها فيما أعلم شرطٌ يخص التوثيق الحادث فى زماننا هذا من قريب أو بعيد، بل أنا حين أسأل عن وضع بعض البنات في مصر اللآتي يرغبن أو يرغب أهليهن بتزويجهن قبل سن الثامنة عشر مخالفة لما نص عليه القانون الوضعي – ظلما وجوراً-،  أقول بجواز ذلك مع أخذ كافة الضمانات على ذلك الزوج.
حتى تبلغ الفتاة ذلك السن المشار اليه فيتم حينها توثيق ذلك النكاح والله أعلم.
أمَّا عن موضوع فتواي –الطلاق الصوري- فذلك خاص موجه الى ذاك الرجل وتلكم المرأة اللذان يسعيان الى تحرير عقد رسمي موثق من الجهة الحكومية القضائية المسئولة يقضي بطلاقهما وينهي ذلك العقد الموثق الذي إرتضياه سابقاً.
ذلك كله من أجل مصلحة عاجلة، ودنيا فانية، لا من أجل أن ذلك العقد لايوافق الشرع أو أنه قد تبين لهما أن ذلك ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، بل هو الهوي الذي يعمي ويضل.
بابُ شَّرٍ يفتحونه على الناس فى زمن نَدُرَ فيه الوازع الديني بينهم، إلاًّ من رحم ربي.
فهنا أصبحا فى نظر ذلك القانون مطلقين ، قد إنقطع عنهما رسمياً كل أسباب الإتصال بين الرجل و زوجه، ولو حدث لا قدر الله حادث ما، وضعا لا أقول نفسيهما فقط بل و الأُسرة جميعا موضع شبهة وتسائل هما فى غنى عنه .
وأخيراً فهذا إجمال للموضوع:
1.  ولي الأمر-الحاكم- إن أمر أو أوجب أو قنن أمر لا يتعارض مع الشرع، فطاعته واجبة، فكيف إن كان فى هذا الأمر حفاظاً لحقوق العباد.
2.  أو قل، لو ألزمت الدولة رعاياها بأمر لهم فيه نفعٌ ومصلحة ولا يتعارض مع الشريعة الغراء، وجب على الجميع الألتزام به وعدم مخالفته.
3.  كيف لهذا الزوج أو تلك الزوجة أن تثبت فى حالة حاجتهما لهذا العقد فى زمن أصبح فيه كل شيئ يسير بالأوراق الرسمية، كيف يثبت هو نسب أبناءه، بل كيف إن إدعى أنهم ليسوا أبناءه، وكذا الحال بالنسبة للمرأة أن تركت ذلك البيت ولحقت برجل آخر، ماذا سيفعل ذلك الرجل.
4.  نحن هنا لسنا بصدد مناقشة مسألة شخصية، بل الأمر عظيم ويخص مجتمع كبير، والأحكام فيه ما دامت لا تتعارض مع الشرع الحنيف فعلى الجميع الإلتزام بها وجوباً وذلك سدا للذرائع.
5.   لننظر معا الى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله الذي عاصر جزءاً من القرن السابع، والثُّلُث الأوَّل من القرن الثامن الهجري، يقول:" ولم يكن الصحابة يكتبون الصداقات، لأنهم لم يكونوا يتزوجون على مؤخر بل يعجلون المهر، وإن أخروه فهو معروف، فلما صار الناس يتزوجون على المؤخر والمدة تطول، وَيُنْسَى صاروا يكتبون المؤخر وصار ذلك حجة في إثبات الصداق وفي أنها زوجة له ". مجموعة الفتاوى لابن تيمية رحمه الله الجزء32/131 تحقيق عامر الجزار-أنور ألباز الطبعة الأولى 1997 دار الوفاء المنصورة.
6.  لعموم الأحكام الشرعية أقول بوجوب توثيق عقد الزواج، والوجوب هنا دون الشرط أو الركن، فليعلم ذلك، ومن وثق زواجاً ثم طلق ووثق ذلك الطلاق فعليه توثيق المراجعة وجوباً.

·       ما سيأتي مقتطف من كتاب توثيق الزواج بين الشريعة والقانون لعبد القادر بوقزولة
- الوثيقة تثبت الحق عند التقادم بخلاف الشهود قد تعترضهم عوارض. التوثيق والإثبات بالكتابة في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي- الدكتور محمد جميل بن مبارك ص298.
- لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية في الحوادث الواقعة من أول أغسطس سنة 1931م.
المادة 99 من قانون الأحوال الشخصية المصري، فقه السنة الشيخ سيد سابق  مج2/ص47
- لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية، أو سبق إنكار الإقرار بالزوجية في ورقه رسمية.
القانون الكويتي المادة 92، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق للشيخ عمر سليمان الاشقر ص145
- عقد الزواج إذا استوفى أركانه وشروطه الشرعية، تحل به المعاشرة بين الزوجين، وليس من شرائطه الشرعية إثباته في وثيقة رسمية أو غير رسمية، إنما التوثيق لدى المأذون أو الموظف المختص نظام أوجبته اللوائح والقوانين الخاصة بالمحاكم الشرعية، خشية الجحود وحفظا للحقوق وحذرت من مخالفته لما له من النتائج الخطيرة عند الجحود.
الفتاوى الشرعية الشيخ حسنين محمد حسنين مخلوف ج2/ص55
- وعلى هذا يكون توثيق الزواج واجب شرعي. لأن الله تعالى أمر بطاعة أولى الأمر في المعروف قال تعالى :" ياأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم". سورة النساء الآية رقم 59.
و أمر رسول الله  صلى الله عليه وسلم المسلم بالسمع والطاعة فيما أحب  أو كره، ما لم يؤمر بمعصية فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ".
رواه البخاري ومسلم وغيرهما –صحيح البخاري رقم7144/ص1765-كتاب الأحكام باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، و مسلم رقم1839/ص1469 كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء  في غير معصية وتحريمها في المعصية.
ظهر يوم السبت 24 من ذو الحجة 1435 هــ ، 18 أكتوبر 2014
مكتبة مسجد الإمام محمد بن عبدالوهاب – الدوحة – قطر.

الخميس، 16 أكتوبر 2014

الطَّلَاقَ الصُّوُرِيُّ - َطَوَاعِيَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْفَعُ

قاعدة عامة توضح شمولية الدين ونفعه فى الدارين :
عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :"نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا فيه منفعة، وأمر الله لنا فيه أنفع"
الطَّلَاقَ الصُّوُرِيُّ
يقول الله تعالى "  فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ " النحل43
و يقول النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم :( الدين النصيحة ، ثلاثا ، قلنا لمن يا رسول الله، قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم من حديث أبى رقية تميم بن أوس الداري رضى الله عنه .
وعند مسلم أيضا ، من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( حق المؤمن على المؤمن ست ، فذكر منها وإذا استنصحك فانصح له).
وتلك النصيحة من واجبات الدين وكماله ، وما خسر المسلمون اليوم من خسارة أكبر و أفدح من ترك النصيحة ، فبسبب ذلك قلَّ العِلمُ ، وانتشر الشِّركُ ، وكَثُرت بين الناس فتاوى أدعياء العلم .
والنصيحة أَعم و أشمل من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، فإنها تشمل أَمري الدنيا و الآخرة معاً .
وهنا مسألتان لابد أن أُلفت نظر الناس إليهما ، يتشابهان فى الواقع مع تشابههما بغيرهم من المسائل ، ويجتمعان فى الحكم الشرعي.
وصورتهما ما اصطلح على تسميته بـ " الطلاق الصوري ".
وهو أن يُطَلَّقَ الرجل زوجه ، غالبا لغرض أو مصلحة دنيوية عارضة ، تختلف من شخص الى آخر ، ومن مجتمع الى مجتمع.
والثانية أن تسعى المرأة بنفسها وراء ذلك الطلاق ، لنفس تلك المصالح المذكورة .
وكل تلك الصور جميعها تتفق في خطأ واحد ، وهو عدم فهم الناس لحقيقة النكاح  و الطلاق .
فلابد إذا أن أوضح أولا ، أن الطلاق هو حَلٌّ لعُقدة النكاح من طرف الزوج ، فهو مفارقة الزوج لزوجه وفسخ ذلك العقد الذي سماه الله ميثاقاً غليظاَ .
ذلك العقد الذي إعتني به الشرع الحنيف ، لما يترتب عليه من مسائل و أحكام كبيرة ،  ترتبط بتكوين الاسرة ، التي هى نواة للمجتمع المسلم القويم .
لذا سماه الله كما ذكرت فى أكثر من فتوى، ميثاقاً غليظاَ ، قال الله تعالى :" وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً " النساء21 . أي ذلك العقد ، وفيه القيام بحقوق المرأة كاملة غير منقوصة كُلٌ بحسبه ، ولعلك لا تجد تلك الكلمة فى كتاب الله ، والله أعلم ، إلاَّ وهى مرتبطة بأعلا درجات المواثيق و الإرتباط ، كما فى قوله تعالى شأنه : " وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً " الأحزاب7.
وأنظر معى يا راعاك الله الى قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فى خطبة حجة الوداع قال: ( واستوصوا بالنساء خيراً ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله و استحللتم فروجهن بكلمة الله ) الحديث عند مسلم من رواية جابر بن عبدالله رضى الله عنه.
بل إن من عظم تلك الكلمة وذلك الميثاق نهيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن اللعب به قولا أو عملا فقال : ( ثلاثٌ جَدُّهُنَّ جد، وهزلهنَّ جد: النكاح، والطلاق، والرجعة )  رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، و الحديث حسن لغيره ، ونقل صاحب عون المعبود في شرح سنن أبي داود عن الخَطَّابي - رحمهم الله – قوله: اتفق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق إذا جرى على لسان الإنسان العاقل البالغ فإنه يؤاخذ به، ولا ينفعه أن يقول ، كنت لاعباً أو هازلاً، أولم أنوه طلاقاً ، أو ما شابه ذلك من الأمور.
وقد فسر بعض العلماء الهزل فى الحديث : هو أن يراد بالشيئ غير ما وضع له بغير مناسبة بينهما.
والله عزَّ وجلَّ يقول : " وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً " البقرة231 .
فالحق أن آيات الله أعظم من أن تُمْتَهَنَ، لأية غاية مهما كانت ، والغاية عند المسلمين المستمسكين بدينهم أبداً لا تبرر الوسيلة ، إنما تلك حجة المفسدين فى الأرض.
فكما لا يصح الزواج الصوري من أجل مصلحة ما ، فلا يصح كذلك الطلاق الصوري لمصلحة ما.
ولا يقاس و الحالة كهذه ، هذا الفعل على فعل المُكْرَهَ ، فهنا الفعل بملء الإرادة و الأختيار.
ولو ذهبنا الى القول ، أن هذا الرجل سيفعل هذا الأمر – الطلاق – أمام الجهات الرسمية ثم يراجعها لعصمته ( لو كانت تلك الطلقة – رجعية - هى الأولى أو الثانية) ، لقلنا إن فى هذا الأمر ضرر بالغ على الزوج و الزوجة والمجتع بأكمله ، فهو لن يستطيع رسمياً أن ينسب ولده منها إن رزق بولد ، وهي لن تستطيع أن ترث فيه إن توفاه الله ، و المجتمع إذا ما إِعْتَدَّ بمثل تلك الفتاوى وسارات فيه سُنَّة و عُمِلَ بها، سيقع فيه فساد عظيم ، فالجميع إلا من رحم ربي لا يرضى بحاله ولا يقنع لا بالكثير ولا بالقليل .
أضف الى هذا أنهم فى نظر الدولة و القانون منفصلين شرعاً.
فلو أرادت المرأة أن تتزوج من رجل غيره (زوج ثان)، لفعلت ذلك رسمياً، ولقلنا أن الزوج الأول صاحب العقد الصحيح، يحمل جزءاً كبيراً من الوزر، وما على الزوج الثاني صاحب العقد الفاسد من سبيل ما دام جاهلاً .
ولا يصح  و الحالة كهذه ( مع عموم تلك البلوى ) أننا نقول بتخصيص تلك الفتوى ( رخصة الطلاق الصوري ) لبعضٍ دون بعض ، فهنا المُفتِى يَشُذُّ بفتواه عن الرأى السائد وشبه المجمع عليه ، وإن كنا لا نستطيع أن نَذُمُّه لأن له مستند فى تلك الفتوى ، إلاَّ أنه يُذَمُّ لعدم نظره تلك النظرة الإعتبارية التى رأها جمهور الفقهاء ومخالفته لهم فيها.
وهنا أرى أنه قد لزم على تذكرة الناس بمثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، قال: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " رواه البخاري ومسلم من حديث أبي حمزة أنس بن مالك رضى الله عنه .
وأنا والله لا أرضاه لأُمي ولا لأختي ولا لإبنتى ، فهل الذي أفتى بمثل هذا يرضاه على من ولاه الله عليهنَّ .
لذا وغيره أقول بعدم جواز مثل هذا التحايل ، وفساد ذلك العمل ، وأن النية الصالحة أبداً لا تُبيحه و لا تُصلحه .
وأن الطلقة إذا وقعت أمام المحاكم الرسمية للدولة ، سواءً نَوَى صاحِبُها طلاقاً أو لم يَنْوه ، حُسبت عليه طلقة و اعْتُدَّ بها ، فإن كانت طلقة رجعية – أُولى أو ثانية " الطلاق مرتان "- فعليه ان يراجعها رسمياً كما طلقها ، ولا يكتفى بكتابة ورقة - ولو أشهد عليها – ضماناً للحقوق الخاصة و تسيراً للحقوق العامة للمجتمع .
وإن إكتفى بكتابة ورقة ،فعليه أن يُشهد عليها إثنان ذوي عدل .
وإن كانت تلك الطلقة الثالثة – البائنة – فقد بانت منه ، ولا يصح أن يراجعها حتى تنكح زوجا غيره ، نكاحا صحيحاً كما بينت السُّنَّة.
وهنا مسألة ، هل يقال بعذر فاعل هذا الأمر – العذر بالجهل – خاصة وأنه قد إستفتى به بعض طلبة العلم قبل العمل به.
أقول نعم لو أنه جاهلٌ فعلا بالحكم الشرعي ، وعدم فهم مقاصد الشريعة.
فالعذر بالجهل هنا فيه تفصيل ، بحسب كل حالة ، وعلى المستفتى أن ينظر بعين الإعتبار فى كل مسألة على هذه الشاكلة ، ولكل شخص على حدة، والله أعلم.
و أخيراً ، يقول الله عزَّ وجلَّ :"  وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ " الطلاق 2 - 3
ويقول سبحانه : " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً " الطلاق 4
ويقول: " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً " الطلاق 5
ويقول: " لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً " الطلاق 7
وعنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: ( ومن سن في الإسلام سنة سيئة ، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده . من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ) الحديث عند مسلم رحمه الله من رواية جرير بن عبدالله رضى الله عنه .
وعن أسيد بن ظهير عن رافع بن خديج رضى الله عنه قال:( إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهاكم عن أمر كان لكم نافعا، وطاعة الله وطاعة رسوله أنفع لكم ) صححه الشيخ الألباني رحمه الله فى الإرواء فقال : وإسناده صحيح، وأسيد بن ظهير صحابيُّ جليل.
قلت: هو أسيد بن ظهير بن رافع بن عدي صحابي ورافع بن خديح رضى الله عنهما عمه.
وليعلم أن التحايل على القانون الذي وضعه الحاكم ليُقَوَّمَ به عوج المجتمع، مخالفة صريحة لصريح الكتاب و صحيح السنة.
والخلاصة أن الطلاق الموثق فى المحكمة أو الجهات الرسمية باللفظ الصريح ، او بالكتابة دون اللفظ ، يُوقعه أهل العلم ولو لم ينويه صاحبه طلاقاً ، إلاًّ أن يكون مُكرهاً على فعل ذلك ، والله أعلم .
قال ابن القيم –رحمه الله- فى إعلام الموقعين "4/257" : حقيق بالمفتي أن يكثر الدعاء بالحديث الصحيح: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم). وكان شيخنا- يعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله- كثير الدعاء بذلك ).
قلت : وكان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يستفتح به صلاته إذا قام من الليل والحديث عند مسلم من رواية عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها.
سبحانك الله وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك

وصلِّ اللهم وسلم على محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم

الأحد، 20 أبريل 2014

تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم


أُعيد نشر تلك المدونة ، تذكرة للمؤمنين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و على آله وصحبه وسلم ، وبراءَةً ممن حادَّ الله وشاقق الرسول
نُشرت أول مرة منذ اكثر من عامين ، قلت فيها :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا :
            بالنسبة لموضوع الفتوى ، فقد كنت أرسلت الى أحد الإخوة حفظ الله الجميع بتلك الإجابة
            وأرجوا أن ينفع الله بها :

أخي حفظك الله...
اولا اعتذر عن تأخري فى الرد ولكن والله لم أفتح البريد الا منذ قليل .
وإجمالا فأن هذا الأمر غير جائز ، وتفصيلا أقول :
لا يخفى عليك سماحة الدين ويسره وحسن تعامله مع أهل الذِّمة طوال الخمسة عشر قرنا السابقين.
ولكن بسبب السياسة ، وضعف التقوى وقلة الزاد لكثير من أدعياء العلم.
كان من نتيجة ذلك حدوث ذلك الهوان وتلك المذلة ، التى أدت الى تخلينا عن تلك الثوابت الدينية الراسخة فى سبيل إرضاء الآخرين يقول الله تعالى : " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير" سورة البقرة:120.
فأنا يا أخي اذكرك بأمر يجهله الناس أو إن شئت فقل أنهم يتغاضون عن فهمه ، الا وهو ( ان الدين مقدس ثابت لا تغير فيه ، أما السياسة فمتغيره حسب المصالح ).
واليهود كانوا يجاورون النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، ولم يُنقل لنا أنه هنأهم بأعيادهم مع أهمية هذا الأمر لأنه من أصل المعتقد ، وكذلك كان حاله مع النصاري .
وكذلك لم يُنقل عن أصحابه من بعده فعل مثل هذا الأمر.
أضف الى هذا أن معظم تلك الأعياد تخالف المعتقد الصحيح الذي ختم الله به رسالاته ، بمحمد صلى الله عليه وسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " قال الله : كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته ، وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد ، لم ألد ولم أولد ، ولم يكن لي كفأ أحد " و الحديث عند البخاري فى صحيحه رحمه الله.
وعن عمر بن الخطاب الخليفة الراشد رضي الله عنه :قال   " إياكم ورطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم فإن السخطة تتنزل عليم " . رواه أبو الشيخ الأصبهاني والبيهقي بإسناد صحيح.
وروى البيهقي أيضاً عن عمر رضي الله عنه : " إجتنبوا أعداء الله في عيدهم " .
والاجماع على عدم جواز فعل هذا الامرمعروف و مشهور.
أما عن الرأي ، فالعقل الصحيح يأبى ألا دعوة هؤلاء القوم لترك دينهم الى دين الله الحق ، الإسلام ، كما جاء
على لسان ربعي بن عامر " إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن ضيق الدنيا
إلى سعتها ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ......." والاثر مع شهرته الا ان فى سنده مقال .
لا أن نوافقهم ونجالسهم ونقرهم على ما هم عليه من أباطيل وتحريفات.
وهذا كله لا ينافى أبدا بحال من الاحوال ، وجوب البر وحسن المعاشرة .
ثانيا :
            بالنسبة لفتوى الشيخ القرضاوي والتي فيها (.......أن الفقهاء المسلمين جميعا قالوا: إن أهل الذمة من أهل دار الإسلام، ومعنى ذلك بالتعبير الحديث أنهم: (مواطنون)، فلماذا لا نتنازل عن هذه الكلمة (أهل الذمة) التي تسوءهم، ونقول: هم (مواطنون)، في حين أن سيدنا عمر رضي الله عنه تنازل عما هو أهم من كلمة الذمة؟! تنازل عن كلمة (الجزية) المذكورة في القرآن، حينما جاءه عرب بني تغلب، وقالوا له: نحن قوم عرب نأنف من كلمة الجزية، فخذ منا ما تأخذ باسم الصدقة ولو مضاعفة، فنحن مستعدون لذلك. فتردد عمر في البداية. ثم قال له أصحابه: هؤلاء قوم ذوو بأس، ولو تركناهم لالتحقوا بالروم، وكانوا ضررًا علينا، فقبل منهم.......).
اقول ان أثر عمر رضى الله وعن الصحابة أجمعين ، فى متنه مجاهيل وهذا فى علم الحديث ( الجرح و التعديل ) يعني على الاقل ضعفه.
ولكن مع هذا أقول قولة لله ، فإن هذا الأثر عليه العمل عند أكثر أهل العلم.
ولكن مرة ثانية ، و ليس بفقه الشيخ القرضاوي غفر الله له.
أقول ، يوضح ذلك الرواية الثانية لهذا الأثر :
أن أحدهم سأل عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، وكلمه في نصارى بني تغلب، وكان عمر رضي الله عنه قد هم أن يأخذ منهم الجزية. فتفرقوا في البلاد. فقال النعمان ( وهو السائل ) لعمر: يا أمير المؤمنين، إن بني تغلب قوم عرب، يأنفون من الجزية، وليست لهم أموال، إنما هم أصحاب حروث ومواشٍ، ولهم نكاية في العدو، فلا تعن عدوك عليك بهم. (وهنا ولا شك مصلحة عظيمة للمسلمين) فصالحهم عمر رضي الله عنه أن أضعف عليهم الصدقة (وهنا ولا شك مع أخذه للمصلحة السابقة ، إثبات لقوة الدين وثبوت أحكامة الشرعية) ، واشترط عليهم ألا يُنَّصِّروا أولادهم ( أُنظر الى ذلك الشرط لتعلم كيف ولما ، أعزَّ الله عمر رضى الله عنه و أرضاه ، وهو الفرق العظيم بيننا و بينهم ).
قال مغيرة: فحدثت أن علياً رضى الله عنه ( فى خلافته زمن الفتن ) قال: لئن تفرغت لبني تغلب ليكونن لي فيهم رأي: لأقتلن مقاتلتهم ولأسبين ذراريهم، فقد نقضوا العهد، وبرئت منهم الذمة حين نصَّروا أولادهم.
وحدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن زياد ابن حدير: أن عمر رضي اللّه عنه أمره أن يأخذ من نصارى بني تغلب العُشر، ومن نصارى أهل الكتاب نصف العشر.
لذا  ، وغيره ، أقول أن الشيخ القرضاوي غفر الله له ، يرجح خلاف الراجح بل و المرجوح ، ويري ما لا يراه علماء أهل السنة قديما وحديثا.
انتهت التذكرة و أضيف عليها اليوم فأقول:
كل  من باع دينه من الحكام و رجال السلطة و المسئولين و الدعاة ، بعرض من أعراض الدنيا ، زائل لا محالة ، هو وعَرَضُه .
وصل اللهم وسلم على محمد و آله وصحبه ، تسليما كثيرا.

الثلاثاء، 18 فبراير 2014

ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة


بسم الله و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، صلى الله عليه و على آله وصحبه وسلم وبعد،

فهذه تذكرة سريعة ، بسيطة فى عدد كلماتها عظيمة فى معناها.

إِِنَّمَا يَعْرِفُ الْفَضْلَ لأَهْلِ الْفَضْلِ ذَوُو الْفَضْلِ - رُوي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح بل هو موضوع ومعناه صحيح -.

روى الإمام الذهبي رحمه الله في كتابه سير أعلام النبلاء قال:

قال يونس الصدفي - وهو يونس بن عبد الأعلي -:

( قال مارأيت أَعْقلَ من الشَّافِعِيّ , ناظرته يوماً في مسألةٍ ثم افترقنا ، ولَقيني ، فأَخذ بيدي ثم قال : " يا أبا موسي ، ألا يَسْتَقِيمُ أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة" ).
قال الذهبي : " هذا يدل علي كمال عقل هذا الإمام ، وفقه نفسه ،  فما زال النُظراء يختلفون"

قَالَ الشَّافِعِيُّ : " مَا نَاظَرْتُ أَحَدًا ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يُخْطِئَ ، وَمَا فِي قَلْبِي مِنْ عِلْمٍ ، إِلا وَدِدْتُ أَنَّهُ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ ، وَلا يُنْسَبُ إِلَيَّ ".

رحم الله الأئمة الأعلام النبلاء، أهل التقوى و الورع.

الأحد، 16 فبراير 2014

التَّرتِيِبُ في قَضَاءِ الفَوَائِتِ

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

فهذا مَبْحَثٌ بسيط ارجوا به السداد و التوفيق ، فى نظر مسألة إعادة الصلاة المكتوبة فى حالِ قضائها إن فات وقتها ودخلت عليها صلاة حاضرة أخرى.

مثال ذلك : رجل فاتَتْهُ صلاة الظهر، فجاء إلى المسجد، فوجد صلاة العصر قد أقيمت-الجماعة-، فهل يصلي الفائتة قبل العصر أو لا ، وهل لو صلى العصر أولا ثم صلى الظهر قضاءً ، هل يعيد العصر لوجوب الترتيب.

مثال آخر : رجل فاتَتْهُ صلاة العصر، فجاء إلى المسجد، فوجد المغرب قد أقيمت-الجماعة-، فهل يصلي الفائتة قبل المغرب أو لا، وهل لو دخل مع الجماعة وصلى المغرب هل يجب عليه الإعادة ثانية بعد قضاء العصر لوجوب الترتيب.

أولا تعريفٌ :

جاء فى الموسوعة الفقهية ، وزارة الاوقاف و الشئون الاسلامية - الكويت - ص 25/ج 34.

من معاني القضاء في اللّغة : الحكم والأداء .

واصطلاحاً : قال ابن عابدين : القضاء فعل الواجب بعد وقته .

والفوائت في اللّغة جمع فائتة ، من فاته الأمر فوتاً وفواتاً : إذا مضى وقته ولم يفعل .

ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللُّغويّ .

وقضاء الفوائت عند الفقهاء : قال الدردير : استدراك ما خرج وقته . اهـ.

ثانياً الأدلة التي تدور حولها المسألة:

من الكتاب العزيز:    

قوله تعالى : ( فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُم فَإِذَا اطْمَأْنَنتُم فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً ) سورة النساء – 103

ومحل الشاهد من الآية كما سيأتي، قوله تعالى: (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً ).

من السُّنَّةِ النَّبَوية:

1- حديث مالك بن الحويرث رضى الله عنه قال : أتينا إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ونحن شببةٌ متقاربون، فأقمنا عنده عشرين يومًا وليلةً، وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رحيمًا رفيقًا، فلما ظَنَّ أَنَّا قد اشتهينا أهلَنا، أو قد اشتقْنا، سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه، قال : "ارجِعوا إلى أهلِيكم، فأقيموا فيهم وعلِّموهم ومُرُوهم" . وذكر أشياءَ أحفظُها، أو لا أحفظُها، "وصلوا كما رأيتموني أُصلي، فإذا حضرتِ الصلاةُ، فلْيؤذنْ لكم أحدُكم، وليؤمَّكم أكبرُكم". صحيح البخاري

ومحل الشاهد من الحديث كما سيأتي، قوله صلى الله عليه وسلم "وصلوا كما رأيتموني أصلي".

2- عن جابرِ بنِ عبد الله - رضى الله عنهما - أن عُمرَ بنَ الخطابِ - رضى الله عنه - جاء يومَ الخَندقِ بعدما غرَبتِ الشمسُ، فجعَل يَسُبُّ كفارَ قريشٍ، قال : يا رسولَ اللهِ، ما كِدتُ أُصلي العصرَ، حتى كادَتِ الشمسُ تغرُبُ، قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه و آله وسلَّم : "واللهِ ما صليتُها" . فقُمنا إلى بُطحانَ، فتوضَّأ للصلاةِ وتوضَّأنا لها، فصلَّى العصرَ بعدما غرَبتِ الشمسُ، ثم صلَّى بعدَها المغرِبَ. الحديث عند الشيخين وغيرهما و اللفظ للبخاري رحمهم الله .
قلت: ومحل الشاهد من الحديث كما سيأتي ، حكاية فعل النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم.

قال الحافظ ابن حجر: ولا ينهض الاستدلال به لمن يقول بوجوب ترتيب الفوائت إلا إذا قلنا إن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم المجردة للوجوب، اللهم إلا أن يُستدل له بعموم قوله ‏"‏صلوا كما رأيتموني أصلي‏"‏ فيقوى، وقد اعتبر ذلك الشافعية في أشياء غير هذه‏.‏إهـ (فتح 505/2 طبعة دار أبي حيان).

هذا ولم يَثبُتْ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه صلَّى على غير الترتيب المعروف بحالٍ من الأحوال.

3- عن سليمانَ بن يسار مولى ميمونةَ رضى الله عنها قال : أتيت على ابنِ عمرَ -رضى الله عنه - وهو بالبلاطِ والقومُ يُصِلُّونَ في المسجدِ قلت : ما يمنعُك أن تصليَ معَ الناسِ أو القومِ ؟ قال : إني سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ قال : "لا تُصلوا صلاةً في يومٍ مرتينِ" . الحديث فى مسند الإمام أحمد وغيره وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر رحمه الله وكذا صححه الألباني رحمه الله.

قال فى عون المعبود (202/2):

قال في "الإستذكار لابن عبد البر" : اتفق أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه على أن معنى قوله صلى الله عليه و آله وسلم "لا تُصلوا صلاةً في يومٍ مرتينِ" أن ذلك أن يصلي الرجل صلاة مكتوبة عليه ثم يقوم بعد الفراغ منها فيعيدها على جهة الفرض أيضا ، وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها نافلة اقتداء بالنبي صلى الله عليه و سلم في أمره بذلك، فليس ذلك من إعادة الصلاة في يوم مرتين لأن الأُولى فريضة والثانية نافلة فلا إعادة حينئذ ٍ. إهـ

قلت : وهذا مما شَرَعَهُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأُمَّتِهِ نَصاً فلا مُكابرة فيه ، بخلاف من أعاد الصلاة من أجل الترتيب قياساً والله أعلم.

والذي أراه – غفر الله لى – أن أهل الأثر المحققين من سلفنا الصالح إنما أَسقطوا الترتيب بخوف فوت الجماعة بناءً وجمعاً ودفعاً للتعارض بين الأدلة الموجبة للترتيب وبين حديث رسول الله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلم : "لا تُصلوا صلاةً في يومٍ مرتينِ"، والذي جعل والله أعلم أهل الأثر المحققين المعاصرين كالشيخ العلاَّمة الفقيه ابن باز رحمه الله وعلماء اللجنة الدائِمة بالمملكة يفتون بجواز دخول المأموم مع إمامه على غير النية التى عليها ، ولكن هنا يَقَعُ إشكال فى الجمع الخلافي بين النِيَّتين وبين أعمال الصلاة فى حالة الجمع بين صلاتي المغرب و العشاء مثلا.

فالذي ذهب إليه الوالد العلامة الفقيه ابن باز رحمه الله أنه أي المأموم يجلس بعد الركعة الثالثة فى إنتظار إنتهاء الإمام ثم يسلم معه ، فهنا قد وقع خلاف ما أمر به رسول الله من أمر متابعة الإمام ، ليس نيةً فقط بل أداءً أيضا مما يدخل على هيئة صلاة الجماعة ماليس منها.

وكذا ما ذهب إليه الفقيه العلامة ابن عثيمين رحمه الله حيث أشار أن مفارقة المأموم بعد الركعة الثالثة لإمامه بعد أن يجلس و يأتي بالتشهد الأخير فى حقه ،ثم يلحق بالإمام فى الركعة الأخيرة له من العشاء وتكون الأولى فى حق المأموم ، من الأعذار التي تبيح مفارقة الإمام فى الصلاة، وأنا وإن كنت أعلم جواز مفارقة الإمام بشروط ليس هذا محل ذكرها إلاَّ أن هذا العمل أيضا فيه مخالفة و الله أعلم لصفة صلاة الجماعة.

4- حديث أنس بن مالك رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ نَسِيَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا . لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذَلِكَ (وَأَقِمْ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي) " طه:14.

وقد بوب البخاري رحمه الله للحديث باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر ولا يعيد إلا تلك الصلاة وقال : وقال إبراهيم : من ترك صلاة واحدة عشرين سنة لم يُعد إلا تلك الصلاة الواحدة.

ثم بوب بعد هذا باب قَضَاءِ الصَّلاةِ الأُولَى فَالأُولَى أورد فيه حديث جابرِ بنِ عبد الله - رضى الله عنهما - أن عُمرَ بنَ الخطابِ - رضى الله عنه - جاء يومَ الخَندقِ بعدما غرَبتِ الشمسُ، فجعَل يَسُبُّ كفارَ قريشٍ...... الحديث .

5- حديث أبي جمعة حبيب بن سباع أنَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عام الأحزابِ صلى المغربَ ونسيَ العصرَ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأصحابِه : "هل رأيتموني صليتُ العصرَ " قالوا : لا يا رسولَ اللهِ ! فأمَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المؤذِّنَ فأذَّن ، ثم أقام الصلاةَ فصلى العصرَ ونقَص الأولى ، ثم صلى المغربَ.

قلت : الحديث عند البيهقي فى سننه الكبرى وإسناده ضعيف فهو مما انفرد به ابن لهيعة وبمثله لا يَحْتَجُّ أهل العلم ، وبعضهم يستشهد به فى المتابعات وقد ضعف الحديث الشيخ الألباني رحمه الله فى الإرواء261.

6- حديث أبي عبيدة قال: قال عبد الله: إن المشركين شَغَلُوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق، فأمر بلالاً فأذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء. رواه النسائي وأحمد والترمذي.

قلت : أَعلَّه الحفاظ بالإنقطاع بين أبي عبيدة وبين أبيه عبدالله بن مسعود رضى الله عنه و المحفوظ حديث جابرِ بنِ عبد الله رضى الله عنهما –الحديث الثاني-.

والذي أراه ان أهل العلم الذين قِيلَ أنهم يقولون بإتصال السند –السماع- ليس ذلك بصحيح ، بل هم فقط يقولون بقبولها واستقامتها ، مع إقرارهم بإنقطاعها سنداً.

لذا تجد مثلا الترمذي عليه رحمة الله يقول فى نهاية أحاديثه "وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه" وهو مع هذا يُحسن حديث ابو عبيدة عن أبيه، فعلى إخواني طلبة العلم مراعاة معرفة منهج العلماء بخاصة المتقدمين منهم فى التعامل مع مصطلحاتهم.

وممن قال بالإنقطاع من المعاصرين الشيخ الألباني رحمه الله و الشيخ عبد المحسن العبَّاد حفظه الله.

وهنا نكتة وهي هل يُتهم أبوعبيدة بالتدليس لعدم سماعة من أبيه رضى الله عنه ؟

فالإجابة : لا لأنه إنما أخذ كل أحاديثة من الثقات من أصحاب ابن مسعود رضى الله عنه والله أعلم، لذا وكما ذكرت آنفاً فإن بعض الحفاظ من أجل ذلك السبب يقبلون أحاديثه عن أبيه رضى الله عنه.

من آثار الصحابة و التابعين:

1-             ما رواه مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من نَسِيَ صَلاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلا وهو مع الإِمَامِ ، فَإِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ فَلْيُصَلِّ الصَّلاةَ التي نَسِيَ ثُمَّ لِيُصَلِّ بَعْدَهَا الأُخْرَى.

قلت : رُوي مرفوعا ولا يصح ، والصحيح وقفه كما ذكر ذلك أَبُو زُرْعَةَ قال : هَذَا خَطَأٌ أي الرفع (العلل لابن أبي حاتم) رقم الحديث: 278

2-              حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبد الحميد ، قال : حدثنا الخضر ، قال : حدثنا أبو بكر الأثرم ، قال : حدثنا الحكم بن موسى ، قال : حدثنا هقل ، قال : حدثنا الأوزاعي ، قال : سمعت الزهري يقول في الذي ينسى الظهر فلا يذكرها حتى يدخل في العصر مع الإمام ، قال : يمضي في صلاة الإمام ، فإذا انصرف استقبل الظهر ثم صلى العصر.

قال أبو عمر بن عبدالبر رحمه الله :

هذا ابن شهاب – الزهري - يفتي بقول ابن عمر –رضى الله عنه- ، وهو الذي يروي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم :" من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها"، فإن الله يقول: (وأقم الصلاة لذكري ) طه: 14.وقد رأى تماديه مع الإمام ، ثم رأى إعادتها لا أدري إن كان استحبابا أو إيجابا ، وقد يحتمل هذا الحديث إيجاب الترتيب.

ويحتمل أن يكون معناه الإعلام بأنها غير ساقطة بالنوم والنسيان. وقد أجمعوا على أن الترتيب فيما كَثُرَ غير واجب. فدل ذلك على أنه مستحب في القليل والله أعلم. التمهيد 169/3 دار إحياء التراث العربي/الطبعة الأولى/عبدالرزاق المهدي.

المصنف لعبد الرزاق (2257-5/6-2)
عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن كثير بن أفلح قال: إنتهيت إلى المدينة وهم يُصلُّون العصر، ولم أكن صليت الظهر قال: فصليت معهم وأنا أحسب أنها الظهر قال: فلما فرغت علمت أنها العصر، قال: فصليت الظهر ثم صليت العصر ، قال : ثم سألت بالمدينة، فكلُّهم أَمرني بالذي فعلت.

قال ابن سيرين:  وأَصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يومئذ بها.

وبعدُ، أرجوا أن أكون مُحِقا فيما يلى:-

1-             إن كنت تعلم أنك ستسير مسيرة أطول فى الوقت مما بين صلاتي الظهر و العصر و صلاتي المغرب و العشاء، فجدد نية الجمع بين كل صلاتين متشابهتين فى وقت أحدهما، سواءً كان تقديما أو تأخيراً لعمومِ حديث عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما «جَمَعَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم في المدينةِ بين الظُّهرِ والعصرِ، وبين المغربِ والعشاءِ مِن غير خوفٍ ولا مطرٍ، قالوا: ماذا أرادَ بذلك؟ قال: أرادَ أن لا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ» والحديث متفق على صحته مع خلاف فى اللفظ، ولا شك عندي ويراه كل عاقل أن زحمة السير -فى مصر-من الأعذار المبيحة للجمع إن شاء الله تعالى.

2-              من فاته فرض من الفرائض؛ كالمغرب مثلا، ودخل وقت العشاء فإن كان فى الوقت متسع فالواجب عليه أن يصلي المغرب أولا، ثم العشاء؛ لأن الترتيب بين الفائتة أو الفوائت اليسيرة مع الصلاة الحاضرة واجب؛ ما لم يؤدى إلى تأخير الحاضرة عن وقتها.

أمَّا من دخل عليه وقت الصلاة ووجد جماعة الحاضرة قد أُقيمت فقد سقط عنه الترتيب جمعاً بين الأدلة ، وما عليه إلاَّ قضاء الفائتة بعد أن يصلى الحاضرة مع جماعة المسلمين وإمامهم ولا إعادة عليه لما صلى و الله أعلم.

3-             سئل شيخ الإسلام‏ بن تيمية رحمه الله (65,66/22):

عن رجل صلى ركعتين من فرض الظهر فسلم، ثم لم يذكرها إلا وهو في فرض العصر في ركعتين منها في التحيات‏.‏ فماذا يصنع‏؟‏
فأجاب‏:‏
إن كان مأمومـًا، فإنه يتم العصر، ثم يقضى الظهر‏.‏ وفى إعادة العصر قولان للعلماء، فإن هذه المسألة مبنية على أن صلاة الظهر بَطُلَتْ بطول الفصل، والشروع في غيرها، فيكون بمنزلة من فاتته الظهر، ومن فاتته الظهر وحضرت جماعة العصر، فإنه يصلي العصر، ثم يصلي الظهر، ثم هل يعيد العصر‏؟‏ فيه قولان للصحابة والعلماء‏.‏
أحدهما‏:‏ يُعيدُها، وهو مذهب أبى حنيفة، ومالك، والمشهور في مذهب أحمد‏.‏
والثاني‏:‏ لا يُعيد، وهو قول ابن عباس، ومذهب الشافعي، واختيار جدي‏- مجد الدين أبي البركات عبد السلام -.‏ ومتى ذكر الفائتة في أثناء الصلاة كان كما لو ذكر قبل الشروع فيها، ولو لم يذكر الفائتة حتى فرغت الحاضرة، فإن الحاضرة تجزئة عند جمهور العلماء‏.‏

كأبي حنيفة والشافعي وأحمد‏.‏

وأما مالك، فغالب ظني أن مذهبه أنها لا تصح‏.‏ والله أعلم‏.‏

أما لو أدرك مَن فاتَتْهُ صلاة العصر جماعةَ المغرب:

فإنه يصلي معهمُ المغرب أولًا، ثم يصلي العصر بعدَهُ.

وسُئِلَ شيخُ الإسلام رحمه الله عن رجل فاتَتْهُ صلاة العصر، فجاء إلى المسجد، فوجد المغرب قد أقيمت، فهل يصلي الفائتة قبل المغرب أو لا؟
فأجاب:
الحمد لله رب العالمين، بل يصلي المغرب مع الإمام ثم يصلي العصر بإتفاق الأئمة، ولكن هل يعيد المغرب؟ فيه قولان.

أحدهما: يعيد وهو قول ابن عمر ومالك وأبي حنيفة، وأحمد في المشهور عنه.

والثاني: لا يعيد المغرب وهو قول ابن عباس وقول الشافعي والقول الآخر في مذهب أحمد.

والثاني أصح فإن الله لم يوجب على العبد أن يصلي الصلاة مرتين إذا اتقى الله ما استطاع والله أعلم".

4-              يسقط وجوب الترتيب بالنسيان و الخطأ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ".

5-             يسقط وجوب الترتيب بصلاة المكتوبة مرة ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : "لا تُصلوا صلاةً في يومٍ مرتينِ" كما وضحنا ذلك عند ذكر الحديث.

6-             قال ابن رجب الحنبليُّ في "فتح الباري": "مَن كان عليه صلاةٌ فائتةٌ، وقد ضاق وقت الصلاة الحاضرة عن فِعْل الصلاتينِ، فأكثرُ العلماء على أنه يبدأ بالحاضرة فيما بقي من وقتها، ثم يقضي الفائتة بعدها؛ لِئَلا تصير الصلاتان فائتتَيْنِ، وهو قول الحَسَنِ وابن المُسَيّبِ وربيعة والثَّورِيِّ والأَوْزَاعِيِّ وأبي حنيفةَ، وأحمد في ظاهر مَذْهبه، وإسحاقَ وطائفةٍ من أصحاب مالك، وهؤلاء أوجبوا الترتيب، ثم أَسْقَطوه خشيةَ فوات الحاضرة، وكذلك قال الشافعيُّ؛ فإنه لا يوجِب الترتيب، إنما يَستحِبُّه؛ فأسقط هاهنا استحبابه وجوازه، وقال: يَلزَمه أن يبدأ بالحاضرة، ويأثم بتَرْكِهِ.
وقالت طائفة: بل يَبدأ بالفائتة، ولا يَسقط الترتيب بذلك، وهو قول عطاء والنَّخَعِيِّ والزُّهْرِيِّ ومالك واللَّيْثِ والحسن بن حَيٍّ، وهو رواية عن أحمدَ، اختارها الخَلاَّلُ وصاحبه أبو بكر".

7-             تأخير الصلاة عن وقتها من غير نَوْم ولا نِسْيان أو عذر شرعي من أعظم الكبائر؛ وذلك لأن فِعْل الصلاة في وقتها فَرْضٌ من أَوْكد فرائض الصلاة، وقد جاء النهيُ الشرعيُّ عن تأخير الصلاة عن وقتها وبالأخصِّ صلاةُ العصر ، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "مَن فَاتَتْهُ صلاة العصر، فكأنما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ" وفيهما أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن فاتَتْهُ صلاة العصر فقد حَبِطَ عملُهُ".

قال شيخ الإسلام: " تَفْوِيتُ العصر أعظم من تفويت غيرها؛ فإنها الصلاة الوُسْطَى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها، وهي التي فُرضت على من كان قَبْلَنا فضَيَّعُوها".

8-             ذهب جماعة من العلماء الى أنه من شَرَعَ في صلاة فرض ثم تذكر أنه لم يصل التي قبلها أَتَمَّ ما دخل فيه ثم قضى الفائتة وأعاد المكتوبة مرة أخرى، فمن فاتته صلاة العصر مثلاً فدخل المسجد فوجد المغرب قد أقيمت صلى المغرب مع الإمام ثم يصلي العصر ثم يُعيد المغرب، وكذلك الحال على غير الناسي لو دخل المسجد وهو يعلم أنه لم يصلى العصر .

واحتَجُّوا بأثر ابن عمر رضي الله عنه الموقوف: "من نسي صلاة فلم يَذكُرها إلا وهو مع الإمام فإذا فَرِغَ من صلاته فليُعد الصلاة التي نسي ثم ليُعد الصلاة التي صلاها مع الإمام".

وهذا الأثر مع صحته موقوفا كما ذكرنا (من آثار الصحابة و التابعين) إلاَّ أنه مُعارض لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تُصلوا صلاةً في يومٍ مرتينِ" والذي هو من رواية الصحابي الجليل عبدالله بن عمر أيضاً، ففي الحديث انه لا تُصَلَّى الصلاة المكتوبة فى اليوم الواحد مرتين فرضاً ، نعم قد وقع مثل هذا فى السُّنَّة ولكن كانت إحدي الصلاتين نافلة، أما مفهوم منطوق "فليُعد الصلاة التي نسي ثم ليُعد الصلاة التي صلاها مع الإمام" فهنا إما أننا نقول:

أولا: بفساد الأولى –مع الإمام-لأن الترتيب شرط صحة للصلاة وعليه فيجب إعادتها فرضاً.

وهنا لا فرق نصاً من السُّنَّة بين من نسي فرضا ثم تذكره فى نفس اليوم ، أو من نسي فرضاً وتذكره بعد يومين مثلا، فالحكم سيكون حينها بفرض إعادة كل الصلوات إبتداءاً من أول صلاة نسيها.

وأنا لا أعلم أحداً قال بذلك من أهل العلم.

ثانيا: أو أن تكون فتوى أبن عمر رضى الله عنهما تورعاً, لا باب الفرض و الوجوب والصلاة –أول مرة-صحيحة تَبْرَأُ بها الذِّمَّة أمام الله سبحانه-فلا تعاد- ، و الله أعلم.

وأما مسألة الترتيب فكما ذكرت من قبل ، إن لم تكن واجبة مع القدرة ، لقلنا أنه من نسي صلاة فى يومٍ ثم أنه تذكرها فى اليوم الذي يليه أو بعده، لوجب عليه إعادة كل تلك الصلوات على الترتيب بدءاً من تلك الصلاة الفائتة ، ولم يقل بهذا أحد من العلماء على ما أعلم، لذا قلنا أن الترتيب واجب ولكنه ليس شرطاً فى صحة الصلاة إلاَّ مع القُدرة، وهذا ما مال إليه شيخ الإسلام ابن تيمة والمربي الفقيه ابن مفلح ومن المعاصرين الشيخ الألباني رحمهم الله تعالى.

ولإتمام الفائدة فإن شروط الصلاة:

1- الإسلام.

2- العقل.

3- التَّمييز.

4- العلم بدخول وقت الصلاة، فالصَّلاة لا تصحُّ قبل الوقت بإجماع المسلمين، فإن صلَّى قبل الوقت متعمِّداً فصلاته باطلة ويأثم بهذا ، وإن كان غير مُتَعمِّد لظنِّه أنَّ الوقت قد دخل، فليس بآثم، وصلاته نَفْلٌ، وعليه الإعادة.

5- الطَّهارة من الحدثين الأصغر والأكبر.

6- طهارة البدن والثوب ومحل الصلاة من النَّجاسات.

7- إتخاذ الزينة بثياب ساترة للعورة.

8- إستقبال القِبْلة.

9- النِّيَّة وهي العزم الآكد على فعل العبادة تقرُّباً إلى الله سبحانه وتعالى.

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسلِّمْ عَلَى نَبِينَا محمدٍ وَعَلَى الآلِ وَالصَّحْبِ الأَطْهار الطَّيِّبِيْن

المتابعون