بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 18 أكتوبر 2014

ذَيَلٌ على فَتْوَى الطَّلَاقَ الصُّوُرِيُّ

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد......
فأحب أن أُنوه إلى أن موضوع فتواي السابقة كانت بخصوص الطلاق و ليست النكاح، والفرق بينهما كبير وشاسع، حيث أنى لم أتطرق الى وجوب أو عدم وجوب تسجيل عقد النكاح رسمياً ابْتِداءً  ، أو هل هذا التسجيل، سواءً قلنا بوجوبه أو بعدم وجوبه، شرط فى صحة عقد النكاح من عدمه ، فكل هذا خارج تماماً عن موضوع فتواي.
ذلك لأن الناظر الى الشريعة يعلم أن من شروط وأركان الزواج خمساً هى من غير تفصيل كالآتي:
1.  وجود الولي.
2.  خلو الزوجين من موانع النكاح.
3.  تعيين الزوجين.
4.  رضا الزوجين.
5.  الشهادة عليه.
ويتأكّد ذلك كله بإعلان النّكاح لقوله صلى الله عليه وسلم : " أَعْلِنُوا النِّكَاحَ " رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني رحمهما الله في صحيح الجامع 1072.
ليس فيها فيما أعلم شرطٌ يخص التوثيق الحادث فى زماننا هذا من قريب أو بعيد، بل أنا حين أسأل عن وضع بعض البنات في مصر اللآتي يرغبن أو يرغب أهليهن بتزويجهن قبل سن الثامنة عشر مخالفة لما نص عليه القانون الوضعي – ظلما وجوراً-،  أقول بجواز ذلك مع أخذ كافة الضمانات على ذلك الزوج.
حتى تبلغ الفتاة ذلك السن المشار اليه فيتم حينها توثيق ذلك النكاح والله أعلم.
أمَّا عن موضوع فتواي –الطلاق الصوري- فذلك خاص موجه الى ذاك الرجل وتلكم المرأة اللذان يسعيان الى تحرير عقد رسمي موثق من الجهة الحكومية القضائية المسئولة يقضي بطلاقهما وينهي ذلك العقد الموثق الذي إرتضياه سابقاً.
ذلك كله من أجل مصلحة عاجلة، ودنيا فانية، لا من أجل أن ذلك العقد لايوافق الشرع أو أنه قد تبين لهما أن ذلك ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، بل هو الهوي الذي يعمي ويضل.
بابُ شَّرٍ يفتحونه على الناس فى زمن نَدُرَ فيه الوازع الديني بينهم، إلاًّ من رحم ربي.
فهنا أصبحا فى نظر ذلك القانون مطلقين ، قد إنقطع عنهما رسمياً كل أسباب الإتصال بين الرجل و زوجه، ولو حدث لا قدر الله حادث ما، وضعا لا أقول نفسيهما فقط بل و الأُسرة جميعا موضع شبهة وتسائل هما فى غنى عنه .
وأخيراً فهذا إجمال للموضوع:
1.  ولي الأمر-الحاكم- إن أمر أو أوجب أو قنن أمر لا يتعارض مع الشرع، فطاعته واجبة، فكيف إن كان فى هذا الأمر حفاظاً لحقوق العباد.
2.  أو قل، لو ألزمت الدولة رعاياها بأمر لهم فيه نفعٌ ومصلحة ولا يتعارض مع الشريعة الغراء، وجب على الجميع الألتزام به وعدم مخالفته.
3.  كيف لهذا الزوج أو تلك الزوجة أن تثبت فى حالة حاجتهما لهذا العقد فى زمن أصبح فيه كل شيئ يسير بالأوراق الرسمية، كيف يثبت هو نسب أبناءه، بل كيف إن إدعى أنهم ليسوا أبناءه، وكذا الحال بالنسبة للمرأة أن تركت ذلك البيت ولحقت برجل آخر، ماذا سيفعل ذلك الرجل.
4.  نحن هنا لسنا بصدد مناقشة مسألة شخصية، بل الأمر عظيم ويخص مجتمع كبير، والأحكام فيه ما دامت لا تتعارض مع الشرع الحنيف فعلى الجميع الإلتزام بها وجوباً وذلك سدا للذرائع.
5.   لننظر معا الى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله الذي عاصر جزءاً من القرن السابع، والثُّلُث الأوَّل من القرن الثامن الهجري، يقول:" ولم يكن الصحابة يكتبون الصداقات، لأنهم لم يكونوا يتزوجون على مؤخر بل يعجلون المهر، وإن أخروه فهو معروف، فلما صار الناس يتزوجون على المؤخر والمدة تطول، وَيُنْسَى صاروا يكتبون المؤخر وصار ذلك حجة في إثبات الصداق وفي أنها زوجة له ". مجموعة الفتاوى لابن تيمية رحمه الله الجزء32/131 تحقيق عامر الجزار-أنور ألباز الطبعة الأولى 1997 دار الوفاء المنصورة.
6.  لعموم الأحكام الشرعية أقول بوجوب توثيق عقد الزواج، والوجوب هنا دون الشرط أو الركن، فليعلم ذلك، ومن وثق زواجاً ثم طلق ووثق ذلك الطلاق فعليه توثيق المراجعة وجوباً.

·       ما سيأتي مقتطف من كتاب توثيق الزواج بين الشريعة والقانون لعبد القادر بوقزولة
- الوثيقة تثبت الحق عند التقادم بخلاف الشهود قد تعترضهم عوارض. التوثيق والإثبات بالكتابة في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي- الدكتور محمد جميل بن مبارك ص298.
- لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية في الحوادث الواقعة من أول أغسطس سنة 1931م.
المادة 99 من قانون الأحوال الشخصية المصري، فقه السنة الشيخ سيد سابق  مج2/ص47
- لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية، أو سبق إنكار الإقرار بالزوجية في ورقه رسمية.
القانون الكويتي المادة 92، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق للشيخ عمر سليمان الاشقر ص145
- عقد الزواج إذا استوفى أركانه وشروطه الشرعية، تحل به المعاشرة بين الزوجين، وليس من شرائطه الشرعية إثباته في وثيقة رسمية أو غير رسمية، إنما التوثيق لدى المأذون أو الموظف المختص نظام أوجبته اللوائح والقوانين الخاصة بالمحاكم الشرعية، خشية الجحود وحفظا للحقوق وحذرت من مخالفته لما له من النتائج الخطيرة عند الجحود.
الفتاوى الشرعية الشيخ حسنين محمد حسنين مخلوف ج2/ص55
- وعلى هذا يكون توثيق الزواج واجب شرعي. لأن الله تعالى أمر بطاعة أولى الأمر في المعروف قال تعالى :" ياأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم". سورة النساء الآية رقم 59.
و أمر رسول الله  صلى الله عليه وسلم المسلم بالسمع والطاعة فيما أحب  أو كره، ما لم يؤمر بمعصية فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ".
رواه البخاري ومسلم وغيرهما –صحيح البخاري رقم7144/ص1765-كتاب الأحكام باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، و مسلم رقم1839/ص1469 كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء  في غير معصية وتحريمها في المعصية.
ظهر يوم السبت 24 من ذو الحجة 1435 هــ ، 18 أكتوبر 2014
مكتبة مسجد الإمام محمد بن عبدالوهاب – الدوحة – قطر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

المتابعون