بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 10 يوليو 2012

الرجوع للتشهد بعد القيام منه


سائل يسأل :

صلينا خلف زميل لنا فقام الى الركعة الثالثة ولم يقرأ التشهد الأوسط وكنا نحن المأمومين جالسين لذلك التشهد فقلنا له سبحان الله ، فنزل وقرأ التشهد الأوسط ثم أكملنا الصلاة ثم سجد سجدتين للسهو وسلم ، فما حكم هذه الصلاة .

أقول ومن الله استمد العون و الرشاد.

من أهل العلم من يقول ببطلان تلك الصلاة على تلك الهيئة التى وضحها السائل فى مسألته ، ودليلهم ما رواه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- : "إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس فإن إستتم قائما فلا يجلسن ، وليسجد سجدتين" ( قال الشيخ الألباني صحيح لشواهده ،السلسلة الصحيحة الجزء الأول حديث رقم 321 ).

وهذا الكلام مرجوح و الراجح قول الاكثر من أهل العلم على عدم بطلانها لأمور منها :

1-  ليس فى الحديث دليل على بطلان الصلاة ، بل كل ما فيه والله أعلم ، أمرٌ بهيئةٍ معينةٍ فى الصلاةِ حين وقوع السهو فيها ، بمعني "إذا قام أحدكم من الركعتين ناسياً الجلوس للتشهد فلم يستتم قائماً يعني لم يطمئن فى ركن القيام و القراءة فليجلس يعني فليرجع للتشهد الأوسط فإن إستتم قائما يعني إعتدل و إطمئن و أخذ وضع القيام للقراءة فلا يجلسن أي لا يرجع فلا عليه شيئ إن ترك الرجوع الى التشهد وليجبر ذلك النقص بـ وليسجد سجدتين" فيقال أن على الإمام أن يقتدي بهذه الهيئة وتلك الصفة فى حالة علمه بالحديث وبفقه المسألة ، فإن لم يعلم و الكثير الغالب لا يعلم ، وبخاصة أئمة المساجد ، فلا دليل يقام به الحجة على القول ببطلان صلاة كل هؤلاء.

2-  حتى ولو كان الإمام عالماً بذلك الحديث ومتبعا لذلك الرأى الأول ، ثم أنه أخطأ أو نسي وقام ، ثم لمَّا ذَكَّرَهُ المأمومين وسبَّحوا له رجع الى جلسة التشهد بعد قيامه و إعتداله ، فإن صلاته لا تبطل لحديث النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- : "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " إسناده لا يخلوا من ضعف ولكن لكثرة شواهده يصححه علماء الحديث بمجموع طرقة.

3-  كان يجب على المأمومون أن يستتموا مع إمامهم قائمين ، وذلك من التعاون على البر و التقوي وذلك من إقام الصلاة.

4-  ليس فى ما سبق ذكره من خطأ ، أمر من مبطلات الصلاة المعلومة من الدين المتفق عليها بين جمهور علماء المسلمين.

5-  قوله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فلا يجلسن ، الاقرب فيه الندب لفعل الكمال ، وفعل خلافة خاصة كما ذكرنا مع الجهل أو النسيان ، لا ينفي صحة الصلاة ( وهنا لابد ان نفرق بين نفى الصحة و نفى الكمال).

6-  ما ذهبنا اليه من عدم أبطال تلك الصلاة ، هو الراجح من أقوال المحققين من أهل العلم كأمثال الشيخ عبد العزيز بن باز و الشيخ الالباني رحمهما الله وغيرهم من السابقين و المعاصرين.

أما من يقول بالإبطال من إخواننا ، كإخواننا فى دار الافتاء المصرية مثلا ، فلا دليل معه إلا تمسكه بفهم حديث الباب كما جاء فى بعض كتب المذهب الحنفي و الشافعي ، غفر الله لنا ولهم.

وأخيرا اردت بكتابي هذا ، توضيح عظم القول بإبطال عمل من الأعمال الصالحة والتي من أعظمها ولا شك الصلاة ، لأن مبطلات العبادات ، كالعبادات توقيفية ، لا إجتهاد فيها



والقاعدة العامة في هذا أن جميع محظورات الإحرام إذا فعلها الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرها فلا شيء عليه لقوله تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة /286. فقال الله تعالى : قد فعلت . ولقوله تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب /5. ولقوله تعالى في خصوص الصيد ، هو من محظورات الإحرام : ( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً ) المائدة /95. ولا فرق في ذلك بين أن يكون محظور الإحرام من اللباس ، والطيب ونحوهما ، أو من قتل الصيد وحلق شعر الرأس ونحوهما ، وإن كان بعض العلماء فرّق بين هذا وهذا ، ولكن الصحيح عدم التفريق ، لأن هذا من المحظور الذي يعذر فيه الإنسان بالجهل والنسيان والإكراه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

المتابعون