بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 12 نوفمبر 2011

6- فصل في وَلايةِ الكافر وتَوليتُهُ

مُسْتَلٌ من رسالة تَذْكِرَةُ الإِخْوَانِ وَ الخِلاَّنْ ِبما حَدَثَ في الجَزائِرِ من فَوضَى وعُدْوَانٍ (موقفي من الثورات و المظاهرات) .
فصل في وَلايةِ الكافر وتَوليتُهُ
وسبب تسمية الفصل ، دفع الخلاف الشكلى فى وقوع تلك الولاية ، سواء كان بطريق مباشر اوبطرق غير مباشرة ، سواء كان بتعين أو بترشيح أو بإنتخاب ، نهي قطعي الدلالة و الثبوت لا تأويل فيه بين الضرورة  أو الاضطرار.
وهنا لا بد أن أوضح أن هذه المسألة من المسائل العظام التي – ومع شديد الأسف – قد خاض فيها البعض ربما نتيجة لترخُص بعض الفقهاء قديماً فيها، وربما رغبة منه في مخالفة من تشدد في تلك المسألة من وجهة نظره ، ولكنه وقع فيما نقول عن مثله " أراد أن يُكَّحِلَ عيناها فأعماها ".
ولكن كما يقال فإن الحقُّ أبلَجُ ، والحق أن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وفهم الصحب الكرام و الآثار الواردة عنهم فى تلك المسألة ، و الإجماع وكذا القياس المعتبر شرعاً والإستدلال الصحيح ، أضف الى ذلك كله قاعدة سد الذرائع - و التي لا يخفانا أن الكافرين أنفسهم يعملون بها في قوانينهم الوضعية-  كل ذلك منفرداً ومجتمعاً ، يأبى ذلك الامر و إليك بعض الأدلة.
أولاً الآيات القرآنية :
(  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ   ) )[1]( آل عمران:118
(  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً  ) النساء:59
(  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة:51
(  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) المائدة:57
ثانيا الاحاديث النبوية:
عن عُبَادة بن الصَّامت قال: دعانا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فبايَعناه، فكان فيما أخذَ علينا أنْ بايعَنَا على السَّمع والطاعة في منشَطِنا ومَكرهِنا، وعُسرنا ويُسرنا، وأثَرَةٍ علينا، وأن لا نُنازِع الأمر أهلَه، قال : " إلاَّ أن ترَوْا )[2](  كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان "
ثالثاً آثار الصحب الكرام
عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قلت لعمر رضي الله عنه : إنَّ لي كاتبا نصرانيا ، قال : مَالَكَ ؟ قاتلك الله ، أما سمعت الله يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) ألا إتخذت حنيفا ؟ قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، لي كتابته وله دينه ، قال : لا أُكرمهم إذْ أَهانهم الله ، ولا أُعزهم إذْ أَذلهم الله ، ولا أُدْنِيهم إذْ أَقصاهم الله .
صحح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية "اقتضاء الصراط المستقيم" 1/184
رابعاً الاجماع
حكى ذلك الإجماع القاضي عياض ، ابن المنذِر، ابن حَزم و ابن حجَر رحمهم الله .
خامسا القياس
فمن المعلوم أنه لا يجوز تولية الفاسق ، فالكافر من باب أولى – فماذا لو إجتمعا "كافر فاسق"-.
سادسا سد الذرائع
ولا يخفى على أحدٍ كَمْ من المفاسد الكثيرة المترتبة على تلك الولاية العامة ، فهل يظن عاقل أن مثل ذلك الكافر سيسعى لتحصيل المنافع ودرء المفاسد عن الإسلام وأهله .
 وهناك أحكام متفرعة ، مترتبة على الحكم أو القول بجواز تولية الكافر بلاد المسلمين ، لو ذهب المداد لخطها لأُحتيج لاكثر من مجلد والله وحده المستعان وعليه التكلان.
وأمرُ نبيُّ الله يوسف عليه الصلاة و السلام ، الذي ذهب بعض أهل العلم للإستدلال به فى تلك المسألة ، فمُعاكس لمسألتنا.
فهي للإستدلال على جواز تولي المسلم ولاية في بلاد الكفر ، وذلك طبعاً شريطة أن ينتفع بذلك المسلمون ، وان يُمَكَّنَ كما مُكِّنَ لنبيَّ الله يوسف عليه الصلاة في تلك الأرض لا أن يخالف شريعة الله في ولايته تلك.
وذلك كما قيل مثلا ، كأن يتولى بعض المسلمين ولاية محافظة بريطانية أو أمريكية وذلك شريطة أن يُعطى صلاحيات في ذلك المكان تؤهله لجلب المصالح و درء المفاسد عن المسلمين فى ذلك المكان.
وكما ترى معي فأن بُعدَ ذلك المثل ، من بُعدِ ولاية الكافر بلاد المسلمين.
ولعلى هنا اوجه نظر إخواني الى ما يحدث من مثل هؤلاء الحكام ، من أمثال حافظ الأسد وابنه وشيعتهم ، والقذافي وشيعته، وللنظر  الى العراق والتي ليست منا ببعيد ، فلننظر ماذا فعل ذلك الشيعي المسمي "علاوي" مع إخواننا أهل السنة فى بلده ، هل أقام فيهم العدل


)[1]( قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : "ومن مظاهر موالاة الكفار: الاستعانة بهم والثقة بهم وتوليتهم المناصب التي فيها أسرار المسلمين واتخاذهم بطانة ومستشارين... فهذه الآيات الكريمة تشرح دخائل الكفّار وما يكنّونه نحو المسلمين من بغض وما يدبّرونه ضدّهم من مكر وخيانة وما يحبّونه من مضرّة المسلمين وإيصال الأذى إليهم بكلّ وسيلة، وأنهم يستغلّون ثقة المسلمين بهم فيخطّطون للإضرار بهم والنيل منهم.
)[2](أي طرأ عليه ما يخرجه من الاسلام – بشروط وقواعد أهل العلم يرجع اليها فى محلها – وهنا محل الشاهد وهو أننا ( لا أن نبايع إبتداءً رجلا كافراً) ، فكيف يتصور أن يتولى كافر فاسق ولاية أمر المسلمين ، و يقيم شرع الله فيهم ويجاهد بهم و معهم فى سبيل الله - أعداء الله - .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

المتابعون