بعد خروج بيان مجلس شُورى العلماء لتأييد الشيخ حازم أبو إسماعيل
أصبح من الواضح –الذي لا يُجادَلُ فيه- أن التيارات الإسلامية لن تجتمع على رجل
واحد كما ظَنُّوا –إدعوا- هم أنفسهم ذلك ، و ادَّعوا أنهم فى طريقهم لتحقيق ذلك
المأرب ، إلا أني – وذلك من باب الإستقراء و التتبع- كنت قد بينت فى (بحث تناغم الفرق المتعارضة) إستحالة ذلك وتعارضه مع
السنن الكونية ، لذا أرى أنه من الواجب على الناس أن يروا عيوب من يرشحونهم (
مع إضطرارهم لترشيحهم ولو من باب المصلحة الراجحة ، كأكل الميتة وشرب الخمر )
حتى تقل الصدمة وتُتَجَاوَزُ الفتنة ، ولابدَّ أَلاَّ يُكتفى بإطراء بعضهم –
كالإسلاميين مثلا- فيقع بذلك ضرر عظيم على الأُمة و على المرشحين أنفسهم.
من أجل ذلك وغيره وجب التذكرة بالآتي:
1-
لابد من إختيار رجل مسلم دَيِّنٌ
عالم عارف ، من الذَّابين عن الإسلام العارفين بحقوق البلاد و العباد ، و أن يكون
عالماً عاملا بالأحكام الشرعية والتى بِقَوَامِها تُحفظ الكليات الشرعية الخمس (الدين
والنفس والعقل والنسل والمال ) فإن لم تتوافر تلك الصفات مجتمعة فى رجل ، فالتَنَزُّلِ
لابدَّ وأن يكون بقدره.
2-
كنت آمل أن تجتمع مع تلك
الهيئة الشرعية ، ممثلين من جميع طوائف الشعب ، خاصة منها ممثلى الأحزاب الدينية
كالحرية و العدالة وحزب النور وغيرهما من الأحزاب الدينية –زعموا- حتى يتم جمع
الصف الإسلامي وتوحيد الكلمة ، بخاصة أن تلك الهيئة هى نفسها تقريبا والتى تؤيد
اليوم الشيخ حازم أبو إسماعيل كانت بالأمس القريب تؤيد تلك الأحزاب ، وأنا أخشى ما
أخشاه أن أراهم غداً بمفردهم دون من يؤيدونه رئيساً ، كما أراهم اليوم دونَ من
قاموا هم بتأيدهم بالأمس.
3-
لايجوز بحال من الأحوال الحُكم
القطعي بوجوب ترشيح رجل بعينه رئيسا للبلاد ، و أفضل ما يحكم به فى هذا الشأن ،
القول بالرجوح الظني لا أكثر من ذلك ، وإلاَّ فما زاد عن ذلك فهو من باب خَرْطُ
القَتَادِ ، وعلى الإخوة الدعاة عموما و السلفيين خصوصا التورع عن مثل تلك
التهويشات.
4-
كان يجب على إخواننا أعضاء
مجلس شورى العلماء الموَقَّرين ، أخذ الميثاق على الشيخ حازم أبو إسماعيل
أنه فى حالة ما إذا أُعلنت نتيجة تلك الإنتخابات – الوسخة – بفوز غيره من المرشحين
–أيا كان اسمه وسَنَدُهُ- ألاَّ يقوم بإثارة الفتن فى البلاد و زعزعة الأمن و
الإستقرار بتلك المظاهرات (المؤيدة و المعارضة) ، وأن يرضى بما سيقدره الله لنا
وله ، وأن يعلم أن فى ذلك كل الخير.
5-
و كذا أخذ الميثاق عليه بالرجوع الى أهل العلم
– إليهم- قبل إتخاذ القرارات المصيرية (النوازل) ، خصوصاً تلك التى من شأنها إدخال
البلاد فى مشاكل خارجية لاطاقة للبلاد و العباد على تحملها فى ظل تلك الظروف التى تمر
بها.
6-
يجب عليهم كأصحاب صوت مسموع
وسط الساحة الدعوية ، أن يقوموا بأنفسهم وبإلزام غيرهم من الدعاة -يقدرون على ذلك- بتهدئة الساحة وعدم إثارة
التشنجات لمرشح بعينه من المرشحين – أيا كان- حتى لانقع فيما قد يُراد لنا الوقوع فيه من
تصادم بين فئات الشعب المختلفة الفكر والعقيدة ، وانفراد فئة من تلك الطوائف
بتأييد رجل بعينه ، و القدح فى الآخرين ، فعلى الدعاة الى الله الحرص على تنبيه
الناس الى عِظَمِ وخطر مرد هذا الامر ، من وقوع خصومات بين الناس وفتن عظام بين
الجميع تؤدي بنا الى مالا يُحمد عُقباه ، بخاصة أنه فى الفترة الآخيرة لا يخفى على
أحد كَمَّ الأسلحة التى دخلت البلاد عبر منافذها الثلاث ، الشرقية و الغربية و
الجنوبية ، والله اعلم بسبب ذلك وعدده ، نسأل الله السلامة مما توخينا من الإبانة.
7-
وليعلم الخطباء أنهم حين
يقفون فوق منبر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، فإن دوره ووظيفته
الأساسية هى توجيه الناس وإرشادهم ، أي ما يجمعهم ويؤلف بين قلوبهم ، لا أن يثير
حفيظة البعض ويُلَبَّس على البعض ويُلزم الجَمْع بما لم يُلزمهم به الله سبحانه.
8-
على إخواننا المسئولين عن
قواتنا المسلحة (الجيش) توخي الحذر مما قد ينتج عن فوز مرشح بعينه ، من فصيل من
فصائل الساحة ، سواء كان ذلك برضاء و تأييد من الجيش أو بخلافة ، ففي كل الأحوال
الناس لن تجتمع على أحد ، بل الكل مفترقون ولن يزالوا ، فعلى الجيش التأهب لتلك الفوضى
التى يسميها الغرب زعموا –الفوضى الخلاقة-.
9-
على كل فرد من أفراد
المجتمع أن يُخلص مع الله سبحانه وتعالى وأن يتقيه فى إختياره للرجل ، الذي يراه –هو بنفسه أو بغيره- مناسبا للقيام بهذا المقام
الكبير ، وأن يعلم أن هذا الامر مسئولية عظيمة معلقة على عاتقه وأن الله سائله
عنها يوم القيامة ، وأن يترك كل واحد منا هواه وأن يُؤثر الحق و المصلحة العامة
للبلاد و العباد على هواه الشخصي.
10- عند مسلم رحمه الله بَاب فَضِيلَةِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ
وَعُقُوبَةِ الْجَائِرِ قال : حَدَّثَنِي هَارُونُ
بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ ، قَالَ : أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ شَيْءٍ ، فَقَالَتْ :"مِمَّنْ
أَنْتَ ؟ ، فَقُلْتُ : رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ ، فَقَالَتْ : كَيْفَ كَانَ
صَاحِبُكُمْ – وهو ابن خَدِيجٍ - لَكُمْ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ ؟ ، فَقَالَ : مَا نَقَمْنَا مِنْهُ
شَيْئًا إِنْ كَانَ لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا الْبَعِيرُ ، فَيُعْطِيهِ
الْبَعِيرَ ، وَالْعَبْدُ فَيُعْطِيهِ الْعَبْدَ ، وَيَحْتَاجُ إِلَى النَّفَقَةِ
فَيُعْطِيهِ النَّفَقَةَ ، فَقَالَتْ : أَمَا إِنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي الَّذِي
فَعَلَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخِي أَنْ أُخْبِرَكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا :اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ
مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ
وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ".
11- عند مسلم رحمه الله كتاب الإمارة باب الأَمْرِ بِلُزُومِ
الْجَمَاعَةِ عَنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ قال : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ،
حَدَّثَنَا جَرِيرٌ يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ ، حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ ،
عَنْ أَبِي قَيْسِ بْنِ رِيَاحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ :"مَنْ خَرَجَ مِنَ
الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ، وَمَنْ
قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى
عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ ، وَمَنْ
خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا
، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.